فصل: الصفات التي ذكرها المؤلف من صفات الله تعالى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد **


 مناظرة جرت عند خليفة بين الأذرمي وصاحب بدعة

‏[‏موابه الأذرمي بالذال المعجمة وبمد الهمزة وبدونه، وهو عبد الله بن محمد الجزري شيخ أبي داود والنسائي وغيرهما‏.‏ روى عن ابن عيينة وغيره‏.‏ والخليفة هو الواثق، وصاحب البدعة هو ابن أبي داؤد‏.‏ والمناظرة في خلق القرآن‏.‏ انظر‏:‏ تاريخ بغداد ‏(‏10/75-79‏)‏، والنجوم الزاهرة ‏(‏2/266-269‏)‏، وتاريخ الخلفاء ص‏(‏342‏)‏‏.‏‏]‏

لم أطلع على ترجمة للأذرمي ومن معه ولا أعلم نوع البدعة المذكورة، والمهم أن نعرف مراحل هذه المناظرة لنكتسب منها طريقًا لكيفية المناظرة بين الخصوم‏.‏ وقد بنى الأذرمي رحمه الله مناظرته هذه على مراحل ليعبر من كل مرحلة إلى التي تليها حتى يفحم خصمه‏.‏

المرحلة الأولى‏:‏ ‏"‏العلم‏"‏ فقد سأله الأذرمي هل علم هذه البدعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وخلفاؤه‏؟‏

قال البدعي‏:‏ لم يعلموها‏.‏

وهذا النفي يتضمن انتقاص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه حيث كانوا جاهلين بما هو من أهم أمور الدين، ومع ذلك فهو حجة على البدعي إذا كانوا لا يعلمونه، ولذلك انتقل به الأذرمي إلى‏:‏

المرحلة الثانية‏:‏ إذا كانوا لا يعلمونها فكيف تعلمها أنت‏؟‏ هل يمكن أن يحجب الله عن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين علم شيء من الشريعة ويفتحه لك‏؟‏

فتراجع البدعي وقال‏:‏ أقول‏:‏ قد علموها، فانتقل به إلى‏:‏

المرحلة الثالثة‏:‏ إذا كانوا قد علموها فهل وسعهم أي أمكنهم أن لا يتكلموا بذلك ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم‏؟‏

فقال له الأذرمي‏:‏ فشيء وسع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفاءه لا يسعك أنت، فانقطع الرجل وامتنع عن الجواب لأن الباب انسد أمامه‏.‏

فصوب الخليفة رأي الأذرمي، ودعا بالضيق على من لم يسعه ما وسع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفاءه‏.‏

وهكذا كل صاحب باطل من بدعة أو غيرها فلابد أن يكون مآله الانقطاع عن الجواب‏.‏

 الصفات التي ذكرها المؤلف من صفات الله تعالى

ذكر المؤلف رحمه الله من صفات الله الصفات الآتية وسنتكلم عليها حسب ترتيب المؤلف‏.‏

 الصفة الأولى‏:‏ ‏"‏الوجه‏"‏

الوجه ثابت لله تعالى بدلالة الكتاب، والسنة، وإجماع السلف‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ‏}‏‏[‏ سورة الرحمن، الآية‏:‏ 27‏.‏‏]‏‏.‏

وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسعد بن أبي وقاص‏:‏ ‏(‏إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها‏)‏ متفق عليه ‏[‏رواه البخاري، كتاب الإيمان ‏(‏56‏)‏، ومسلم، كتاب الوصية ‏(‏1628‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

وأجمع السلف على إثبات الوجه لله تعالى، فيجب إثباته له بدون تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو وجه حقيقي يليق بالله‏.‏

وقد فسره أهل التعطيل بالثواب‏.‏ ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة‏.‏

 الصفة الثانية‏:‏ ‏"‏اليدان‏"‏

اليدان من صفات الله الثابتة له بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ‏}‏‏[‏ سورة المائدة، الآية‏:‏ 64‏.‏‏]‏‏.‏

وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سجاء الليل والنهار‏)‏ إلى قوله‏:‏ ‏(‏بيده الأخرى القبض يرفع ويخفض‏)‏‏.‏ رواه مسلم والبخاري معناه ‏[‏رواه مسلم، كتاب الزكاة ‏(‏993‏)‏، والبخاري، كتاب التفسير ‏(‏4684‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

وأجمع السلف على إثبات اليدين لله، فيجب إثباتهما له بدون تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، وهما يدان حقيقيتان لله تعالى يليقان به‏.‏

وقد فسرهما أهل التعطيل بالنعمة أو القدرة ونحوها‏.‏ ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة، وبوجه رابع أن في السياق ما يمنع تفسيرهما بذلك قطعًا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ‏}‏‏[‏ سورة ص، الآية‏:‏ 75‏.‏‏]‏‏.‏ وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏وبيده الأخرى القبض‏)‏‏.‏

الأوجه التي وردت عليها صفة اليدين وكيف نوفق بينها‏:‏

الأول‏:‏ الإفراد كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك‏}‏‏[‏ سورة الملك، الآية‏:‏ 1‏.‏‏]‏‏.‏

الثاني‏:‏ التثنية كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ‏}‏ ‏[‏سورة المائدة، الآية‏:‏ 64‏.‏‏]‏‏.‏

الثالث‏:‏ الجمع كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا‏}‏‏[‏ سورة يس، الآية‏:‏ 71‏.‏‏]‏‏.‏

والتوفيق بين هذه الوجوه أن نقول‏:‏ الوجه الأول مفرد مضاف فيشمل كل ما ثبت لله من يد ولا ينافي الثنتين، وأما الجمع فهو للتعظيم لا لحقيقة العدد الذي هو ثلاثة فأكثر وحينئذ لا ينافي التثنية، على أنه قد قيل‏:‏ إن أقل الجمع اثنان، فإذا حمل الجمع على أقله فلا معارضة بينه وبين التثنية أصلًا‏.‏

 الصفة الثالثة‏:‏ ‏"‏النفس‏"‏

النفس ثابتة لله تعالى بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ‏}‏‏[‏ سورة الأنعام، الآية‏:‏ 54‏.‏‏]‏‏.‏ وقال عن عيسى أنه قال‏:‏ ‏{‏تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ‏}‏‏[‏ سورة المائدة، الآية‏:‏ 116‏.‏‏]‏‏.‏

وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته‏)‏‏.‏ رواه مسلم ‏[‏رواه مسلم، كتاب الذكر ‏(‏2726‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

وأجمع السلف على ثبوتها على الوجه اللائق به، فيجب إثباتها لله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل‏.‏